ونحن نشهد اشتعال حمى المادية و انتشار سرطان المصالح متلفاً خلايا الفطرة السوية مغتالا الضمائر و العدالة ، يبدل الكثيرون إيمانهم بالله بإيمانهم بغاياتهم فتصبح هي الشغل الشاغل ومن أجلها يتجاوزون كل نظام ويخرقون كل قانون حتى وإن كان القانون هو الشرع القويم .
كم من العهود التي يعاهد بها المسلم أخاه المسلم والأيمان التي يقطعها له ويحنث ويخدع من أجل مصلحة دنيوية فانية ، متناسيا أن كل شيء فان إلا وجه الله وأنه ستوفى إليه أعماله التي نسيها وحفظها الله ، يوم لا يملكون إلا الخنوع , (( وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ))
فإن كانوا في الحياة الدنيا يتفلسفون ويرهقون الفكر لإيجاد المبررات الزائفة و صياغة السيناريوهات التعيسة للتملص من أماناتهم ، فإنهم بين يدي العزيز الجبار في حال أخرى :
(( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ))
التهاون بالعهد والميثاق أشعل الحروب بين الأمم ، وقضى على علاقات المجتمع الواحد ودمر الكثير من القيم والمثل ، رغم التوجيهات القرآنية المتكررة التي تغلظ العقوبات وتكثف التنبيهات لفضل الوفاء بالعهد و حرمة نقضه بعد ميثاقه ، ولنتأمل وصف الوافين بالعهد ووصف الذين يتهاونون به حتى أن السياق القرآني اعتبرهم مفسدين في الأرض وقرنهم بالمشركين والفاسقين والكافرين .
( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون .) البقرة 27
( وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ، ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون .) الأنعام 152
في وصف الكافرين : ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) . الأعراف 102
وفي وصف المشركين : ( كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله ) التوبة 7
وفي وصف أولي الألباب : ( الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) الرعد 20 - 21
( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك عليهم اللعنة ولهم سوء الدار ) . الرعد 25
( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ،إن الله يعلم ما تفعلون ) النحل 91
لولو الحبيشي