في زمن أصبح فيه العالم كالقرية الواحدة، بعد أن غمرتهم ثورة الاتصالات وضخ المعلومات على نحو لم تشهده البشرية من قبل، أعلن معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة قبل أيام إطلاق بث قناة القرآن الكريم وقناة السنة النبوية على اليوتيوب، ابتداء من الأول من شهر رمضان المبارك؛ من أجل التسهيل، وإعطاء الفرصة لأكبر عدد من المشاهدين المسلمين في جميع أنحاء العالم؛ لمتابعة بث القناتين، وبرامجهما المميزة.
إن الدعوة إلى الله ضرورة شرعية. وهو منهج قامت عليه هذه البلاد، منذ أن تحالف الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله تعالى - على ذلك؛ لنشر التوحيد، وتبليغ دعوة الله إلى الناس، وكان ذلك هو ما تعاقب عليه الدولة السعودية في أطوارها الثلاثة؛ لتستمد قوتها من الله، اعتماداً عليه، وتطبيقاً لشرعه. وهذا المنهج وصفه معالي الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي بكلمات رشيدة حين قال: «ومع زيادة الاتصال في العصر الحديث، واستقرار المجتمع الدولي على قواعد بشأن التعاون الدولي علمياً وثقافياً، فإن مهمة المملكة لا تواجه في الغالب الأعم بمعارضة من المجتمع الدولي، ويرجع ذلك في الأساس إلى المنهج الذي تتبعه المملكة العربية السعودية، والذي تميزت به في خدمة الإسلام في غير ديار المسلمين. والمملكة العربية السعودية تنطلق في خدمتها للإسلام في الغرب من حقيقة عالمية الإسلام، وحق البشر جميعاً في سماع دعوته، ومعرفة عقيدته، وقيمه الخلقية، وأصوله التشريعية، معرفة صحيحة، ولا يتحقق ذلك إلا بنشر دعوته بين الناس بكل الوسائل المتاحة المشروعة في هذا العصر؛ ما يفرض التعامل على أسس واضحة وظاهرة مع غير المسلمين، وهي أسس وقواعد وضحتها الشريعة الإسلامية، وألزمت بها المسلم، رعاية لحقوقه، وحفظاً لحقوق غيره».
ولأننا نعيش اليوم انفتاحاً في وسائل الاتصال فإن التعريف بالإسلام ورسالته العالمية من خلال نشر آيات القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية هو ما يتطلبه فقه الواقع - زماناً ومكاناً -؛ كونه يُعد أصلاً واقعاً، لا سبيل إلى إهماله، أو تحاشيه؛ إذ إن الدعوة إلى الله هي الهم الأكبر والشغل الشاغل لكل مسلم؛ من أجل تبليغ هذه الرسالة بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن خدمة لدين الله، ونفعاً لعباد الله.
إن نشر رسالة العدل، والسلام، والرحمة، والمودة، وعمارة الأرض، وإقامة الحياة، واحترام آدمية الإنسان، والحفاظ على كرامته، هو - بلا شك - اتصال لمفردات الحياة الإنسانية، الروحية والمادية والفكرية، من جهة، وتقديم الصورة المشرقة والحقيقية للدين الإسلامي، والذود عن حياضه من جميع ما ينسب إليه من ادعاءات، وافتراءات محضة، كالإرهاب، وانتهاك حقوق الإنسان، من جهة أخرى.
على أي حال، فإن تضافر الجهود على إعانة القائمين على هذا المشروع العظيم؛ لتبليغ رسالة الحق إلى الناس كافة، هو جزء من الدعوة إلى سبيل الله.
ولا يسعني في نهاية المقال إلا أن أدعو الله في هذه الأيام المباركة أن يحفظ هذه البلاد، وأمنها، وأن ييسر لها السبل، والوسائل؛ لتثبيت دعائم الدين، ومناصرة الدعوة، وأن يوفق ولاة أمرها لكل خير، ويمنحهم العون، والتوفيق.
د.سعد بن عبدالقادر القويعي