في كل العصور والأزمنة يظل صراع الأجيال قائماً، لأن الحوافز تفرضها طبيعة المرحلة، ونحن الآن نعيش نفس الطفرة بعوامل غير مسبوقة حين صارت وسائل التقنية تربطنا بأجيال شعوب أخرى فتحول التأثير بدلاً من أن يكون محلياً صرفاً إلى كوني..
إحصاءاتنا تقول إن شعبنا فتي، وإن نسبة المواليد تتجاوز الرقم العالمي حتى في بعض بلدان العالم الثالث، والمشكل هنا ليس فقط بمضاعفة السكان التي لها إيجابيات وسلبيات، لكن الموضوع يتعلق بطبيعة الحركة الاجتماعية، إذ أن شبابنا في الغالب، لا تتوفر له الحوافز بالترقية، والتدريب، وفرز المواهب بسبب الكوابح الأسرية وتقاليدها، ومن هنا صرنا نشهد مظاهر لم تكن معروفة لأجيال سابقة، بعضها يوصف بأنه خارج عن الأعراف، ويصل إلى حد التحلل، وخاصة حين يقلد الشباب، الشباب العالمي بقصات الشعر، والألبسة الفرنجية، وحتى صوالين الحلاقة والتزيين تحولت إلى جزء من صرعة الشباب بينما فئة أخرى محافظة تصبح كوابح الدين والأعراف تمثلان صورتها العامة، بما في ذلك تطويل اللحية، وتقصير الثياب ونزع العقال وهي صورة مضادة، وخطورة هذه الفئات من الأعمار الصغيرة أنها قد تذهب إلى تفسير الظواهر الاجتماعية بأنها ضد الإسلام والتدين، مما يسهل استغلالها بجذب تلك الشريحة الاجتماعية إلى التطرف بنظرتها وسلوكها، وبين تلك الفئتين تقع قضايا التفاوت الطبقي، حيث أصحاب الثراء، أو حتى متوسطي الدخل يوفرون لأبنائهم متطلبات تعجز عنها الشريحة الأكبر، ونجد هذا الصراع يتوفر بالمدارس والجامعات وعطلات المواسم حين نجد الهجرة للبلدان الأخرى جزءاً من مفاخرة اجتماعية، مما ولّد ما يشبه الحقد الاجتماعي بين تلك الفئات، وإذا أضفنا إليه التضييق في المحلات العامة كالشوارع والمراكز التجارية والحدائق وندرة المساكن التي تؤوي العزاب من الطلبة، وحتى متابعتهم بالمطاعم وغيرها، مقابل عدم توفر نشاطات مدرسية وجامعية، وأندية ومسرح ودور سينما، فإن الاتجاه إلى الانحراف ربما يجد أسبابه في التضييق على تلك الشريحة، ولعل المشكلة هي في عدم استغلال تلك الطاقات المتفجرة، وعدم وجود الدراسات التي تعطينا النتائج السلبية والإيجابية مما جعلنا نرى تنامي السرقات والخطف والقتل بأسباب مختلفة، وبالتالي لا بد من توفير الحلول قبل أن تتحول تلك الانحرافات إلى ظواهر نعجز عن تلافي مشكلاتها..