أ- ما هي حقيقةُ التَّقوى؟
* حقيقةُ التقوى:
يقول الإمامُ ابنُ قيم الجوزية -رحمه الله- في بيانِ حقيقةِ التقوى-: "وأمَّا التقوى فحقيقتُها: العملُ بطاعةِ اللِه إيمانًا واحتسابًا، أمرًا ونهيًا، فيفعلُ ما أمرَ اللهُ به إيمانًا بالأمرِ وتصديقًا بوعده، ويتركُ ما نهى الله عنه إيمانًا بالنَّهي وخوفًا من وعيده، كما قالَ طلق بن حبيب: إذا وقعتِ الفتنةُ فأطفئوها بالتقوى، قالوا: وما التقوى؟ قال: أن تعملَ بطاعةِ اللهِ، على نورٍ من الله، ترجو ثوابَ اللِه، وأنْ تتركَ معصيةَ اللهِ، على نورٍ منَ اللهِ، تخافُ عقابَ اللهِ. وهذا أحسنُ ما قيلَ في حدِّ التقوى".
أ- ما هي ثمراتُ التقوى؟
* ثمراتُ التقوى:
- ثمراتُ التقوى في الدُّنيا:
1- سببٌ لتيسيرِ أمورِ الإنسانِ؛ كما قالَ تعالى: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].
وقال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5-7].
2- سببٌ لحمايةِ الإنسانِ من ضررِ الشيطانِ؛ كما قالَ تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201].
3- سببٌ للفتحِ الإلهيِّ بِالبركاتِ منَ السماءِ والأرضِ؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].
4- سببٌ في توفيقِ العبدِ في الفصلِ بين الحقِّ والباطلِ، ومعرفةِ كلٍّ منهما؛ كما قال تعالى: ﴿ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إَن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَكُمْ فُرْقَانًا... ﴾ [الأنفال: 29].
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].
5- سببٌ لتكفيرِ السيئاتِ ومغفرةِ الذُّنوبِ: ﴿ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].
6- سببٌ للخروجِ من المأزقِ، وحصول الرزقِ والسَّعة للمتقي منْ حيثُ لا يحتسب، قال تعالى: ﴿... وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2-3].
7- سببٌ لنيلِ الولايةِ؛ فأولياءُ اللهِ هم المتقون؛ كما قال تعالى: ﴿... إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 34]، وقال تعالى: ﴿... وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الجاثية: 19].
8- سببٌ لعدمِ الخوفِ منْ ضررِ وكيدِ الكافرينَ، قال تعالى: ﴿... وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 120].
9- سببٌ لنزولِ المددِ منَ السَّماءِ عندَ الشَّدائدِ، ولقاءِ الأعداءِ، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ * بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 123-125].
10- سببٌ لنيلِ العلمِ وتحصيلِه؛ كما قالَ تعالى ﴿... وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282].
11- سببٌ لنيلِ رحمةِ اللهِ، وهذه الرحمةُ تكونُ في الدُّنيا كما تكونُ في الآخرةِ؛ كما قال تعالى: ﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156].
- ثمراتُ التقوى في الآخرةِ:
1- سببٌ للإكرام عند الله عز وجل، قال تعالى: ﴿... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
2- سببٌ للفوزِ والفلاحِ؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 52].
3- سببٌ للنجاة يوم القيامة منْ عذابِ الله، قال تعالى: ﴿ وَإِن مِنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71-72]، وقال تعالى: ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ﴾ [الليل: 17].
4- سببٌ لقبولِ الأعمال، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].
5- سببٌ قويٌ لأن يرثَ العبدُ الجنَّةَ، قال تعالى: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63].
6- سببٌ في الحصولِ على غرفِ الجنةِ، قال تعالى: ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعَادَ ﴾ [الزمر: 20].
7- سببٌ لنيلِ ما تشتهيهِ الأنفسُ، وتَلَذُّ الأعينُ، قال تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 31].
8- سببٌ لعدمِ الخوفِ والحزنِ وعدمِ المسَاسِ بالسُّوءِ يومَ القيامةِ؛ كما قال تعالى: ﴿ وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61]، وقال تعالى: ﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62-63].
9- سببٌ للحشر يومَ القيامةِ بصورةٍ كريمةٍ، وهي (صورةُ الوفدِ) القادمِ على اللهِ عَزَّ وجلَّ، والوفدُ: هم القادمونَ ركبانًا، وهو خيرُ موفودٍ؛ كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ﴾ [مريم: 85].
10- سببٌ للفوزِ بالمقامِ الأمينِ والجنَّاتِ والعيونِ؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ﴾ [ الدخان: 51-55].
11- سببٌ للحصولِ على مقعدِ صدقٍ عندَ مليكٍ مقتدرٍ، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54-55].
12- سببٌ لنيلِ البشرى في الآخرة بألا يَحزُنَهم الفزعُ الأكبُر، وتلقِّي الملائكةِ لهم، قال تعالى: ﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ﴾ [يونس: 62-64].