أبو معاذ محمد الطايع
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرُ هُوَ بَذْل الْمَالِ حَيْثُ يَجِبُ إمْسَاكُهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ أَوْ الْمُرُوءَةِ. وقد مدح -سبحانه وتعالى- المؤمنين فقال: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ (سورة الفرقان: الآية ٦٧) عن إبراهيم النخعي قال: لا يجيعهم ولا يعريهم ولا ينفق نفقة يقول الناس أسرف فيها.
وفي المقابل ذم الله -سبحانه وتعالى- أهل الإسراف والتبذير فقال: ﴿ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ (سورة الإسراء: الآيتان ٢٦ – ٢٧). فشبههم بالشياطين، وهي غاية المذمة لأنه لا شر من الشيطان، أو هم إخوانهم وأصدقاؤهم لأنهم يطيعونهم فيما يأمرونهم به من الإسراف.
ومن ذلك الإسراف في الأكل، والإسراف في الملبس، وقد نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ) كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ (. بل إن استغلال أي شيء ولو في العبادة بما يزيد عن الحق هو تبذير، ومن ذلك الوضوء بماء كثير، فقد رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: )لاَ تُسْرِفْ لاَ تُسْرِفْ (، ولذلك قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "النفقة في غير حق هو التبذير".
وإن كان هذا هو موقف الإسلام من الإسراف والتبذير فإنه يدعو إلى الاقتصاد، كما جاء أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ) السَّمْتُ الْحَسَنُ وَالتُّؤَدَةُ وَالِاقْتِصَادُ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ (.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على النبي، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.