دائما ما نسمع ان الحقيقةُ مُره , ودائماً ما نجد من يحارب صاحب الحق, وتلقئ عليه التُهم جزافاً, هذا لأنه يقول الحق فقط ,وبالحقيقة ينفضح الكثيرين, فيناصِبونه العداء ويشنون حروبهم له على جميع الجبهات ودون هوادة, ذلك لأجل الدفاع عن أنفسهم ,والاحتفاظ بأوراقهم حتى لا يُسقِطها ربيع الحق والصواب, الحق له طريق واحد والباطل له طرق متعددة ,والكل يبرر طريقه لإقناع الأخرين ,وبأنه هو صاحب الحق والقول الفصل في الأمر,
لن يصل الى الحق الا القليل في بادئ الأمر, ذلك لأن طريقه سيرمي بالكثيرين في غياهب الزمن, ويَنفَضُ من حولهم الكثير, فالحق هو خلاف الرغبات والأهواء .
فعند حدوث خلاف اجتماعي, أوخلاف فردي, أو خلاف أسري, فان كل طرف يقوم بتشتيت الكرة عن مرماه ليس ذلك فقط بل ومهاجمة الطرف الاخر على جميع الجبهات بكل ضراوة. إن الحقيقة أكبر من أن تتوارى خلف ستار الإقناع والتأثير وتلوين البياض الناصع بألوان زاهيه غاية في الجمال كي تسر الناظرين ويستتر خلفها من يريدون ازهاق الحق وتلميع الباطل بعبارات المراوغة ولحن القول , الحقيقة هي الثبات ,وهي الواقعية, والتي تعني التأكد واليقين ,وليس هي البحث عن مناصرين ومؤيدين لما أريده وأبتغيه , من أجل حجب الشمس في وضح النهار بغربال الباطل! قد يكون للنفوذ الشخصي للإنسان مصدر قوه لطمس حقيقه واضحه لا لبس فيها.
فعند نشوب خلاف ما, بين الناس يجب ان أكون واقعي ,فالكل يريد اظهار الحقيقة كما يراها بمنظاره الشخصي ثم تستمر مرحلة الإقناع والتأثير فيمن يستمعون لهم ,وهم يعلمون أنهم وضعوا أقدامهم على طريق طويل أجمل ما فيه إرشاداته التحذيرية التي تشير الى أن نهايته رمضاء حارقه’ إن هو استمر بالركض في ذلك الطريق !. استقلالية الرأي والتعاطي بعقلانية والتروي, وبطريقه واقعيه هي مطلوبة, ولنا عِبَر في قول الشاعر:
لا خير في ود أمرئ متلون .. إذا الريح مالت ,مال حيث تميل
ولكي أكون محقا منصفا للجميع ,يجب أن أضع الأمور في نصابها وأن لا أبتعد كثيرا عن طريق الحق, حتى وإن لم أصل الى حقيقة الأمر, فسأمكث غير بعيد من ذلك الطريق مترقبا حتي ظهور الطريق أمامي نيرا, لذا هناك عدة طرق تساعد في الوصول الى قدر كبير من الحقيقة وهي :
1- الالمام الكامل بجميع جوانب وأبعاد المشكلة.
2- التواصل مع جميع اطراف القضية كل على حده.
3- معرفة الاحكام الشرعية والعرفية التي تخص قضية ما.
4- جَمع الأدلة والشواهد والأحداث والبحث عنها بكل دقه ومصداقيه ,ومن جميع أطرافها والتأكد والتمحيص عنها والاستشهاد عليها حتى وإن جار عليها الزمن.
5- كتابة مجموعه من الأسئلة بعد الاطلاع والتدقيق ومن ثم البحث عن إجابات مقنعه لها.
هنا ربما أكون قد وصلت الى قدر كبير من الحقيقة وليس كلها .وبناء عليه أُصدِرُ حكما شخصيا منصفا للجميع , والا كنت من الظالمين .ولابد للمنصف أن يقفز على حواجز وكالة يقولون, ويبحث عن وكالات أخرى تتحلى دائما بالمصداقية والإنصاف . حتى يُنصِف من في الأرض بالحق الصواب, والقول الحسن. فينصفه الله بالأجر والثواب ويجعل الحق له سلطانا وطريقا. فبداية فشل المرء هو ارضاء جميع الاطراف على حساب الانصاف واظهار الحق.
ختاما. فالحق لايحتاج أحيانا الى باحث عنه ! فقط يحتاج الى شخصين واحد يقولُه والآخر يسمعه ! وما عند ربك خير وأبقئ , ولنتذكر قول الله تعالى : (ولا تَلبِسوا الحَق بالبَاطِل وتكتُموا الحقَ وأنتم تَعلمُون) البقرة آية رقم 42.
صالح بن حسين اليامي